وصفها الملك محمد السادس بـ"الجسم الدخيل".. هذه أربع أزمات دبلوماسية تقف وراءها "البوليساريو" مسّت المغرب والجزائر وإسبانيا وتونس
عرفت منطقة غرب حوض البحر الأبيض المتوسط في الشهور الأخيرة العديد من الأزمات الدبلوماسية بين بلدان هذه المنطقة، وقد حدثت بشكل متزامن في حالة غير مسبوقة، ويتعلق الأمربأزمات دبلوماسية مسّت كل من المغرب والجزائر وتونس وإسبانيا.
ويرجع سبب هذه الأزمات وتزامنها وتشابكها في الوقت نفسه، إلى "القاسم المشترك" الذي يجمع بينها جميعا، وهي جبهة "البوليساريو" الانفصالية التي تحارب المغرب على الصحراء، وتحتضنها الجزائر، حيث تقف وراء أربع أزمات دبلوماسية همت إلى جانب المغرب والجزائر، كل من تونس مؤخرا وإسبانيا في العام الماضي.
أولى الأزمات الدبلوماسية في المنطقة وأقدمها، هي التي تتعلق بالمغرب والجزائر، حيث تُعتبر جبهة "البوليساريو" الانفصالية، السبب الرئيسي في تأزم العلاقات الثنائية بين البلدين منذ عدة عقود، حيث تدعم الجزائر أطروحة الانفصال التي تتبناها "البوليساريو"، في حين يرفض المغرب هذه الأطروحة ويعتبر الصحراء جزءا من أراضيه تاريخيا وجغرافيا.
ووصف الملك محمد السادس في إحدى خطاباته العام الماضي، عندما دعا الجزائر إلى فتح الحدود مع المغرب، (وصف) هذه الجبهة الانفصالية بـ"الجسم الدخيل" معتبرا إياها السبب فيما تعيشه علاقات البلدين من توترات وأزمات لا تنتهي، بقوله "نحن لا نريد أن نعاتب أحدا، ولا نعطي الدروس لأحد؛ وإنما نحن إخوة فرق بيننا جسم دخیل، لا مكان له بيننا."
ولم يقف هذا "الجسم الدخيل" على حد تعبير الملك المغربي، عند توتر العلاقات بين المغرب والجزائر، بل تسبب زعيمه العام الماضي، في توتر حاد في العلاقات بين المغرب وإسبانيا، واستمرت القطيعة الدبلوماسية بين مدريد والرباط عدة شهور، قبل أن تُقرر حكومة سانشيز تصحيح خطئها المتمثل في استقبال زعيم "البوليساريو" سرا، بالاعتراف العلني بدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي لإنهاء النزاع في الصحراء، معتبرة إياه بالمقترح "الجاد" و"ذو مصداقية".
لكن هذه الخطوة التي أقدمت عليها إسبانيا، لم تُعجب الجزائر، لتنطلق فصول أزمة دبلوماسية جديدة في المنطقة بين هذين البلدين، والسبب دائما هو جبهة "البوليساريو" الانفصالية، ولازالت هذه الأزمة مستمرة إلى حدود الساعة بين الطرفين، حيث دخلت العلاقات في مرحلة جمود وبرود لا يُعرف متى ستنتهي فصولها.
وبعد مرور شهور على انطلاق الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا، طفت على السطح في الأيام الأخيرة، أزمة دبلوماسية جديدة، وهذه المرة بين المغرب وتونس، بعدما أقدم الرئيس التونسي، قيس سعيد، يوم الجمعة الماضي، على استقبال زعيم "البوليساريو" استقبالا رسميا في خطوة لم يسبق لها أي رئيس عربي أو تونسي، الأمر الذي أثار غضبا عارما في المغرب، ودفعت الرباط إلى استدعاء سفيرها للتشاور.
وتلوح في الآفق ملامح أزمة دبلوماسية حادة بين الرباط وتونس على إثر هذه الخطوة، ولا تُعرف لحدود الساعة المآل الذي ستنتهي إليه، خاصة بعدما قامت تونس بدورها في استدعاء سفيرها من المغرب للتشاور، وكل هذا يرجع سببه جبهة "البوليساريو" الانفصالية.
ويبدو من خلال كل هذه الأزمات الدبلوماسية التي تسببت فيها هذه الجبهة الانفصالية، ناهيك عن الأزمات "الفرعية" الأخرى، مثلما حدث بين المغرب وألمانيا العام الماضي، أن الملك المغربي محمد السادس، كان دقيقا في وصف الجبهة بـ"الجسم الدخيل" الذي لولاه لما كانت المنطقة تعيش هذه الأزمات كلها.